يشهد قطاع الطيران في مصر مرحلة تحول حاسمة مع بدء التوسع في تطبيق تقنيات الجيل الخامس (5G)، حيث بدأت هذه التكنولوجيا المتقدمة في رسم ملامح مستقبل أكثر كفاءة وسلامة وراحة للمسافرين حتى منتصف عام 2025. الجيل الخامس، بقدراته الفائقة على نقل البيانات بسرعة قياسية وكمون منخفض للغاية، يمثل ركيزة أساسية لتحديث البنية التحتية الجوية والمطارات المصرية.
على صعيد إدارة الحركة الجوية، تتيح شبكات الجيل الخامس قفزة نوعية في دقة وسرعة تبادل المعلومات بين أبراج المراقبة والطائرات، وكذلك بين الطائرات وبعضها البعض. هذا الاتصال اللحظي يساهم في تعزيز أنظمة الملاحة الجوية، ويحسن من قدرات المراقبة الجوية، مما يؤدي إلى إدارة أكثر سلاسة للحركة الجوية وتقليل فترات انتظار الطائرات، وهو ما ينعكس إيجابًا على كفاءة الرحلات وسلامة الملاحة في الأجواء المصرية. كما يمكن لـ5G دعم أنظمة الرادار وأجهزة الاستشعار المتطورة التي توفر بيانات دقيقة لتحسين التوجيه والتخطيط للمسارات الجوية.
وفي عمليات المطارات، يلعب الجيل الخامس دوراً محورياً في تعزيز الكفاءة التشغيلية الشاملة. يمكن لـ5G ربط الآلاف من أجهزة إنترنت الأشياء (IoT) داخل المطارات، من كاميرات المراقبة الأمنية عالية الدقة، إلى أجهزة تتبع الأمتعة الذكية، وأنظمة الإضاءة والتكييف الموفرة للطاقة. هذا الاتصال الشامل يمكّن من اتخاذ قرارات سريعة ودقيقة في إدارة تدفق المسافرين، وتقليل أوقات انتظار إجراءات السفر، وتحسين عمليات تفريغ وتحميل الأمتعة، مما يسهم في تجربة سفر أكثر انسيابية وراحة للمسافرين عبر المطارات المصرية.
أما بالنسبة لشركات الطيران وصيانة الطائرات، فيقدم الجيل الخامس إمكانيات غير مسبوقة. يمكن للطائرات المجهزة بتقنيات 5G إرسال بيانات تشغيلية مفصلة في الوقت الفعلي إلى مراكز الصيانة الأرضية، مما يتيح تشخيص الأعطال المحتملة بشكل استباقي وتحديد احتياجات الصيانة الدورية بدقة متناهية (الصيانة التنبؤية). هذا الأمر يقلل من الأعطال المفاجئة، ويزيد من جاهزية الطائرات للتحليق، ويخفض بشكل كبير من التكاليف التشغيلية لشركات الطيران، مع رفع مستوى السلامة العامة للرحلات.
وعلى مستوى تجربة المسافرين، يعد الجيل الخامس بمثابة تحول جذري. فمع توفر شبكات 5G داخل المطارات وحتى على متن الطائرات في المستقبل، سيتمتع المسافرون بسرعات إنترنت غير مسبوقة تتيح لهم بث المحتوى عالي الدقة، وإجراء مكالمات الفيديو دون انقطاع، والوصول إلى خدمات الترفيه والمعلومات بشكل فوري. كما يدعم 5G تطبيقات الواقع المعزز (AR) للملاحة داخل المطارات، ويحسن من تجربة إنهاء إجراءات السفر والتحقق من الهوية عبر التقنيات البيومترية، مما يوفر تجربة سفر شخصية وفعالة. هذه التطورات مجتمعة تؤكد أن الجيل الخامس ليس مجرد إضافة تقنية لقطاع الطيران المصري، بل هو محفز لقفزة نوعية نحو عصر جديد من الكفاءة، والسلامة، والابتكار في الأجواء والمطارات المصرية.
