حق سك النقود أو ريع سك العملة هو ببساطة الفرق بين القيمة الاسمية للنقود – سواء كانت عملات ورقية أو معدنية – وتكلفة إنتاجها الفعلية. تخيل أن البنك المركزي يقوم بطباعة ورقة نقدية بقيمة مائتي جنيه، بينما لا تتجاوز تكلفة المواد والطباعة بضعة قروش قليلة. هذا الفارق الكبير يُعد ربحًا مباشرًا للدولة، ويُمثل جزءًا من إيراداتها المالية.
تاريخياً، كان هذا الحق امتيازًا حصريًا للملوك والحكام الذين كانوا يتحكمون في إصدار العملات، مستفيدين من هذه الفروقات لتمويل جيوشهم أو مشاريعهم. أما في العصر الحديث، فقد أصبح هذا الحق من صلاحيات البنك المركزي في أي دولة. هذا الامتياز يمنح الدولة قدرة فريدة على الحصول على تمويل دون اللجوء المباشر إلى فرض ضرائب إضافية على المواطنين، ويمكن استخدامه لدعم جزء من الإنفاق الحكومي.
ومع ذلك، فإن استخدام حق سك النقود يتطلب حذرًا شديدًا وحكمة في الإدارة. الإفراط في طباعة النقود وتجاوز حاجة الاقتصاد الفعلية قد يؤدي إلى نتائج سلبية خطيرة، أبرزها التضخم؛ أي الارتفاع العام والمستمر في مستويات الأسعار، مما يؤدي إلى تآكل القوة الشرائية للعملة ويضر بالاقتصاد ككل. لذا، فإن البنوك المركزية تسعى دائمًا إلى تحقيق التوازن بين الاستفادة من هذا الحق والحفاظ على استقرار العملة والأسعار.
