حكايات البدايات

حكايات البدايات // أصل حكاية البنك الأهلي المصري 

في نهاية القرن الـ19، كان المشهد المالي في مصر بسيط جدًا، أقرب لحركة تجارية تقليدية ما بين التجار والمقرضين، ومعظم التعاملات كانت نقدية. لكن سنة 1898 حصلت نقلة كبيرة، لما اتأسس “البنك الأهلي المصري”، اللي يعتبر أول بنك فعلي يشكّل بداية النظام المصرفي الحديث في البلد.

 

اللي أسّس البنك ده كانوا مجموعة من المصرفيين الأجانب بقيادة البريطاني “سير إرنست كاسل”، وكان الهدف المعلن هو تسهيل التجارة وإدارة المعاملات المالية الكبرى، خاصة في ظل الوجود البريطاني في مصر وقتها. لكن المدهش إن البنك ماكانش مجرد مؤسسة بتهدف للربح، ده كمان لعب دور الدولة في لحظة ما، وكان بمثابة البنك المركزي قبل ما مصر تفكر أصلًا يبقى عندها بنك مركزي.

 

البنك الأهلي وقتها بدأ يطبع عملة، يحتفظ بالذهب، يموّل مشروعات زراعية وتجارية، ويدير ديون الحكومة، كل ده في وقت كانت الدولة نفسها بتدور على أدوات تحكم بيها اقتصادها. ودي حاجة خلت البنك يكون شريك في صياغة جزء كبير من البنية الاقتصادية الحديثة في مصر، من غير ما ياخد دايمًا الضوء اللي يستحقه.

 

ومع الوقت، بقى للبنك فروع في محافظات مختلفة، وبقى جزء من الحياة اليومية لشرائح أوسع من المجتمع، مش بس كبار التجار. الناس بدأت تفهم يعني إيه حساب جاري، ويعني إيه وديعة، ويعني إيه تقسيط وتمويل. فكرة “البنك” كمكان آمن للفلوس بقت أقل غرابة، والبنك الأهلي بقى الاسم اللي بيرمز للثقة.

 

الحقيقة إن القصة دي مش بس قصة بنك، دي قصة لحظة تحوّل، لما بلد كانت لسه بتتعلم تمسك مفاتيح اقتصادها، لقت في مؤسسة زي البنك الأهلي أداة تمهّد لها الطريق. وبرغم إنه اتأسس بدافع خارجي، إلا إن دوره الوطني على مدار أكتر من قرن، فضّل حاضر، ومتجدد، وله أثر واضح على تاريخ مصر المالي.

زر الذهاب إلى الأعلى